مهرجان القصرين : نجاح بكل المقاييس في دورة إعادة التأسيس

530 vues

  1. كلمات قبل البدء .
    حين نكتب عن القصرين ، تنساب الحروف من شغاف قلوبنا ، وتتفلت من بين أصابعنا ، لترتسم على ورق الكتابة مشاعر صادقة تنبض عشقا للجهة التي لولاها لما كنا .
    وحسبنا من خلال فعلنا الثقافي ، ورصدنا لتضاريس المشهد وفعالياته أن نرسل للآخر صورة جميلة مشرقة تنبض حبا للجمال والإبداع والعرق النبيل الذي ينفقه المخلصون من أبناء الجهة لرسم الابتسامة والفرحة والتعلق بهذه الرقعة على وجوه أبنائها الذين أرهقتهم السنون .
    الصورة التي نروم إيصالها ، تختلف تماما عن الصورة الملتحفة دخانا ودماء … هي صورة ملونة بألوان الفرشاة ، والنغمات ، والكوريغرافيا ، والتمثيل ، والشعر والغناء وهي صور تجتمع وتأتلف لتقول أن على هذه الأرض الطيبة ما يستحق الحياة .
    حين نكتب لانكتب تحت الطلب ، ولا تحت الحساب ، ولا تحت انتظار مكافأة من أي جهة كانت ، وحين ننقد أو نختلف في التقدير مع بعض أصدقائنا في الساحة الثقافية ، فإن ذلك لا يمكن أن يخرجنا عن واجب الإنصاف وواجب النصح من أجل التجويد وبلوغ أعلى درجات التميز والتألق .
  2. الدورة 39 في الميزان
    الدورة 39 لمهرجان القصرين الدولي كانت بكل المقاييس اختبارا صعبا ، وتحديا لا يقبل غير النجاح نتيجة ، ومن مقومات النجاح ، حسن اختيار الهيئة المديرة والجمعية التي أشرفت على حظوظ هذه الدورة … جمعية البعد السابع .
    وحسنا فعل مندوب الثقافة السيد محجوب القرمازي ، وعدد من الفاعلين الثقافيين حين تسلحوا بالشجاعة الأخلاقية وأقدموا على التغيير والتحديث رغم المحاذير القانونية ، ووقع الاختيار على فريق شحذته خبرة التنظيم ، والقدرة على صناعة الفرحة والفرجة وتسويق الصورة من خلال إدارة مهرجان الشباب لعدة دورات .
    جل العروض إن لم نقل كلها لاقت هوى في نفوس أبناء القصرين ، وشهدت إقبالا جماهيريا كبيرا ، وفيا ، ذواقا ، متفاعلا ورائعا .
    لا يمكن إجمالا أن ننتظر أفضل مما شهدنا من صور رائعة الجمال لتقليد حلو جميل لعائلات القصرين التي يقبل بعضها على المسرح الأثري سيليوم درة المدينة ، منذ بواكير المساء ، قبل كل عرض ، لتحتل أماكنها قبل حلول الصفوف الطويلة التي يتم تصريفها بسلاسة من قبل لجان التنظيم والقوات الأمنية التي أمنت كامل الدورة وساهمت إلى حد كبير في إنجاحها
  3. برمجة متنوعة تراعي مختلف الأذواق
    من أبرز عوامل نجاح هذه الدورة حسن اختيار العروض التي تتلاءم مع مختلف الأذواق والشرائح العمرية ، ولعل أنجحها جماهيريا عروض الزيارة ، وجعفرية ، وسهرة الراب ، والنوبة ، و ، وDouble face لكريم الغربي وبسام الحمراوي ، وحفل الاختتام بإمضاء سلطان الطرب صابر الرباعي .
    عروض أخرى على هامش المهرجان مثلت إضافة نوعية وتقليدا لابد من العمل على دعمه وتأصيله ليمثل ركنا ثابتا ضمن فعاليات المهرجان على غرار السهرات التنشيطية التي أمنها المنشط المتألق حيدور ، ومجموعة المركز الدولي للفنون المعاصرة لوليد الخضراوي ، وميعاد باند ، وشريط دشرة …
    عرض خر شكل مفاجاة باهرة يتمثل في مسرحية أليس في بلاد العجائب من إنتاج مركز الفنون الدرامية والركحية بالصرين وإخراج أشرف الرابحي والتي كنا كتبنا حولها في مقال سابق
  4. في تسويق الصورة والعلاقة بوسائل الإعلام :
    من أبرز عوامل نجاح الدورة 39 لمهرجان القصرين ما نجحت الهيئة المديرة في إرسائه من علاقة متميزة مع وسال الإعلام وذلك من خلال :
    • تعيين منسقين إعلاميين للمهرجان
    من المؤكد أن الهيئة المديرة ، باختيارها للزميلين حاتم الصالحي وسماح غرسلي منسقين إعلاميين للمهرجان ضمن تركيبتها قد نجحت إلى حد كبير في تيسير مهام الصحفيين والإعلاميين الذين بدورهم أمنوا تغطية إعلامية ممتازة خلال هذه الدورة .
    وتظل مسألة مزيد حوكمة اللقاءات الصحفية مع الفنانين تحديا لابد من الاشتغال عليه حتى لا يظل محكوما بأهوائهم ( أي الفنانين ) من حيث المكان والتوقيت والطريقة .
    كما نعتقد أن تصميم خلفية إشهارية تتضمن الهوية البصرية للمهرجان وشعارات شركائه تكون حاضرة في كل اللقاءات الصحفية بات من أوكد الإضافات النوعية التي يجب أن ترافق الدورات القادمة .
    • التعاقد مع راديو سيليوم أف أم
    من الإضافات النوعية في هذه الدورة تعاقد الهيئة المديرة مع مؤسستنا الإعلامية راديو سيليوم أف أم لتكون الإذاعة الرسمية للمهرجان حيث أمنت تغطية شاملة بالصوت والصورة والبث المباشر والإشهار والمقال والحوارات ، كانت رافدا وعاملا هاما من عوامل إنجاح الدورة 39 .
    • هوية بصرية جديدة
    نعتقد أن الهوية البصرية الجديدة ( الشعار ) للمهرجان ، والتي تم تصميمها بذوق رفيع لم تحظ بالترويج اللازم ، ومن الضروري العمل على أن تكون حاضرة على قمصان فريق العمل ( هيئة مديرة ، لجان تنظيم …. ) على امتداد الدورة وعلى كل المحامل الممكنة حتى تنطبع في أذهان كل المتابعين.
    • الجمهور والهيئة المديرة : تعارف منقوص
    من المفروض أن يتم تعريف جمهور المهرجان بكل أعضاء الهيئة المديرة في حفلي الافتتاح والاختتام وأن يتم تقديم جنود الخفاء الذين يقرنون الليل بالنهار من أجل توفير ضمانات النجاح في أدق تفاصيلها ، إذ أنه من أوكد أدوار المناسبات والفعاليات الثقافية صناعة رمزيات مجتمعية ، وتثمين جهود كل الذين يبذلون جودهم وأوقاتهم وعرقهم من أجل صناعة الفرجة والفرحة .
  5. الأمنيون والعسكريون : شريك بارز في النجاح …. ولكن
    في فضاء مفتوح على المرتفعات والجبال والوهاد كان لابد من توفر إرادة صادقة من قبل الأمنيين والعسكريين وأعوان الحماية المدنية الذين بذلوا جهودا كبيرة جدا من أجل تأمين الفضاء بمداخله ومخارجه ومحيطه بكل اقتدار، ولم تسجل بفضل جهودهم أية حادثة على امتداد هذه الدورة .
    ولا يمكن لنا إلا أن نثمن هذه الجهود وهذا النجاح ، على أن ذلك لايحجب في تقديرنا نقد انتصاب الحواجز على بعد حوالي كيلومتر لمنع دخول السيارات إلى محيط المسرح الأثري وإجبار النساء وكبار السن والمرضى على السير على الأقدام كل تلك المسافة .
    كما أننا نعتقد أن فضاء العرض يجب أن يظل تحت سيادة الهيئة المديرة ولجان تنظيمها ، وأنه لا موجب لجعله منطقة أمنية يمنع دون مبرر استعمال أي كرسي داخلها باستثناء يوم حلول والي الجهة ومرافقيه .
  6. الدعم ، والمال قوام الأعمال
    لا يعقل أن يسدل الستار على هذه الدورة دون أن تفي الجهات المانحة بوعودها المتعلقة بتقديم الدعم الموعود ، مما يجعل الهيئة المديرة تعيش ضائقة مالية وضغطا كبيرا إزاء التزاماتها مع متعهدي الفرق ومع بقية من لديها معهم التزامات .
    وزارة الثقافة والمجلس الجهوي وكل الشركاء مطالبون إزاء النجاح الذي تحقق هذه السنة بالتسريع في صرف الدعم دونما تلكؤ ولا تأخير، كما أنهم مطالبون بمضاعفة هذه المنح في قادم الدورات .
    من ناحية أخرى نرى أنه من الضروري بعد استمتاع الهيئة المديرة باستراحة المحارب أن تشتغل من الآن على استجلاب شركاء آخرين للمهرجان ، والتفكير منذ الآن في الدورة 40 التي لاريب أنها ستكون مشرفة عليها باعتبار أنه لا يجوز تغيير فريق ناجح
  7. وختاما
    الدورة 39 ، كانت في الخلاصة دور إعادة الحياة ، والتأسيس الجديد لمهرجان القصرين ، وبمزيد من الخبرة ، وتشبيك العلاقات مع الفاعلين الثقافيين والجمعيات الثقافية ، وبتوفر اعتمادات ، وقدرة أكبر على الاستماع والتجاوز والتحلي بسعة الصدر لتقبل النقد البناء ، نعتقد أننا إزاء هيئة مديرة قادرة على إيصال المهرجان إلى مصاف أكبر المهرجانات الصيفية في انتظار انطلاق أشغال توسيع للمسرح الأثري سيليوم بغاية استقطاب جمهور ذواق وفي يتسع نوعيا وعدديا .

الإعلامي : لطفي هرماسي